الذهب يخفف مكاسبه بعد صعود لافت في ظل ترقب قرارات ديسمبر

شهدت أسعار المعدن الأصفر تبايناً ملحوظاً خلال تداولات أمس الخميس، بعدما تراجعت عقب ملامسة أعلى مستوياتها في نحو أسبوعين خلال الجلسة السابقة، في ظل أجواء من الحذر والترقب المسيطرة على قرارات المستثمرين انتظاراً لاجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر، والذي بات يمثل المحرك الرئيسي لاتجاهات السوق في المرحلة الراهنة.

وخلال تعاملات أمس الخميس، انخفض سعر الذهب في السوق الفورية بنحو 0.2% ليتداول قرب مستوى 4,156.89 دولار للأوقية خلال منتصف الجلسة، بينما تراجعت العقود الآجلة الأميركية لشهر ديسمبر بنسبة مماثلة تقريباً لتستقر عند 4,154.40 دولار للأوقية، في انعكاس مباشر لحالة الهدوء النسبي التي تسود الأسواق.

وجاء هذا التراجع بعد موجة الصعود القوية التي سجلها الذهب في الجلسة السابقة، والتي دفعت الأسعار إلى الاقتراب من أعلى مستوياتها في أسبوعين، قبل أن تدخل السوق مرحلة واضحة من جني الأرباح وإعادة تقييم المراكز الاستثمارية في ضوء المستجدات المرتبطة بالسياسة النقدية الأميركية. ورغم هذا التراجع المحدود، لا يزال المعدن الأصفر يتحرك ضمن نطاق مرتفع نسبياً، مدعوماً بتنامي رهانات خفض الفائدة الأميركية، إلى جانب توازن ملحوظ في شهية المخاطرة قبيل عطلة عيد الشكر في الولايات المتحدة، التي تتسم تقليدياً بانخفاض مستويات السيولة وضعف الزخم التداولي.

ورغم التراجع اليومي، حافظ الذهب على استقراره أعلى المستوى النفسي المهم عند 4,000 دولار للأوقية، بعدما تراجع بنحو 5% فقط عن قمته القياسية المسجلة عند 4,381 دولار في 20 أكتوبر. ويعكس هذا الأداء مزيجاً من العوامل الداعمة، أبرزها التوقعات المتزايدة باتجاه خفض أسعار الفائدة، واستمرار الطلب على الملاذات الآمنة، فضلاً عن مشتريات البنوك المركزية التي لا تزال توفر أرضية دعم قوية للأسعار.

ويظل العامل الأكثر تأثيراً في تحركات الذهب حالياً مرتبطاً بالسياسة النقدية الأميركية، إذ ارتفعت رهانات الأسواق على خفض الفائدة في اجتماع ديسمبر إلى نحو 85% مقارنة بنحو 30% فقط قبل أسبوع واحد، وفقاً لمؤشر فيدوتش، وهو ما يعكس تحولاً سريعاً في معنويات المتعاملين استجابة للتصريحات الأخيرة الصادرة عن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي. وقد بدا هذا التحول واضحاً في لهجة شخصيات بارزة مثل ماري دالي وكريستوفر والر، اللذين أظهرا انفتاحاً أكبر تجاه خيار التيسير النقدي، في حين ساهمت تصريحات كيفن هاسيت، المرشح الأبرز لخلافة جيروم باول، والتي دعا فيها بشكل مباشر إلى خفض أسعار الفائدة، في تعزيز زخم هذه التوقعات.

وفي المقابل، أسهم إغلاق الأسواق الأميركية يوم الخميس بسبب عطلة عيد الشكر في خفض أحجام التداول بشكل ملحوظ، ما جعل تحركات الذهب أكثر حساسية للأخبار المحدودة، وأبقى السوق عرضة لتحركات فنية سريعة في ظل ضعف السيولة.

أما على صعيد النظرة المستقبلية، فيبقى المسار مرهوناً بشكل كبير بنتائج اجتماع الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر، وأي إشارات جديدة تتعلق بتوقيت وشكل خفض أسعار الفائدة. استمرار تصاعد احتمالات التيسير النقدي قد يوفر دعماً إضافياً للمعدن الأصفر، بينما أي تراجع مفاجئ في هذه التوقعات قد يفتح المجال أمام موجة تصحيح أعمق، وإلى أن تتضح الصورة بشكل كامل، من المرجح أن يظل الذهب يتحرك ضمن نطاق مرتفع مع ميل طفيف للتهدئة، وسط حساسية مرتفعة لأي تطورات مرتبطة بالسياسة النقدية الأميركية