ارتفاع أسعار النفط مع استمرار المخاوف حول الإمدادات وتقييم الأسواق لأداء الاقتصاد الأميركي

أسعار النفط تنهي التداولات على مكاسب وسط متابعة قوة الاقتصاد الأميركي ومخاطر المعروض

أغلقت أسعار النفط تعاملات يوم الثلاثاء على ارتفاع، مع قيام المستثمرين بتقييم مؤشرات النمو الأقوى من المتوقع للاقتصاد الأميركي، إلى جانب استمرار القلق حيال احتمالات تعطل الإمدادات القادمة من فنزويلا وروسيا.

وعند التسوية، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 31 سنتًا، أي بنسبة 0.5%، لتصل إلى 62.38 دولارًا للبرميل، في حين صعد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي بنحو 37 سنتًا، أو 0.64%، ليغلق عند مستوى 58.38 دولارًا للبرميل.

زخم صعودي مدعوم بمكاسب الجلسة السابقة

وجاءت هذه المكاسب بعد قفزة قوية تجاوزت 2% خلال تعاملات يوم الاثنين، حيث حقق خام برنت أكبر ارتفاع يومي له في نحو شهرين، بينما سجل خام غرب تكساس الوسيط أعلى مكسب يومي منذ 14 نوفمبر، في ظل تصاعد المخاطر الجيوسياسية.

الاقتصاد الأميركي بين قوة الطلب وتشديد السياسة النقدية

وأظهرت التقديرات الأولية للناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث، الصادرة عن مكتب التحليل الاقتصادي التابع لوزارة التجارة الأميركية، أن الاقتصاد الأميركي سجل نموًا أسرع من المتوقع، مدفوعًا بصلابة إنفاق المستهلكين، ما عزز الرهانات على استمرار الطلب على الطاقة.

وفي هذا الإطار، أوضح فيل فلين، كبير المحللين في مجموعة «برايس فيوتشرز»، أن الأسواق تحاول الموازنة بين التفاؤل الناتج عن قوة النشاط الاقتصادي، والمخاوف من لجوء الاحتياطي الفيدرالي إلى تشديد السياسة النقدية لكبح التضخم، وهو ما قد يشكل ضغطًا لاحقًا على الطلب.

بيانات اقتصادية متباينة تعزز الحذر

في المقابل، أظهرت بيانات اقتصادية أخرى صورة مختلطة للاقتصاد الأميركي، حيث تراجعت ثقة المستهلكين خلال ديسمبر مع تنامي القلق بشأن الأوضاع الوظيفية والدخل، في حين استقر الإنتاج الصناعي دون تغيير في نوفمبر بعد انخفاضه خلال أكتوبر، وفق البيانات الصادرة يوم الثلاثاء.

مخاطر المعروض الفنزويلي تواصل دعم الأسعار

وعلى صعيد الإمدادات، استمر المستثمرون في تسعير المخاطر المرتبطة بصادرات النفط الفنزويلية، عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في وقت سابق من الشهر الجاري فرض حصار على ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات التي تدخل وتغادر فنزويلا، ما أبقى شركات الشحن في حالة ترقب.

وأشار جيوفاني ستاونوفو، محلل بنك UBS، إلى أن تراجع الطاقة التخزينية في فنزويلا يزيد من احتمالات اضطرار البلاد إلى خفض جزء من إنتاجها. كما تباطأت عمليات تحميل الناقلات، في ظل اقتصار نشاط معظم السفن على نقل الشحنات بين الموانئ المحلية عقب الإجراءات الأميركية الأخيرة.

التوترات الروسية–الأوكرانية تعزز علاوة المخاطر

كما تلقت أسعار النفط دعمًا إضافيًا من تصاعد المخاطر المتعلقة بالإمدادات الروسية، بعد تعرض ميناء أوديسا الأوكراني على البحر الأسود لقصف روسي في وقت متأخر من يوم الاثنين، ما أسفر عن أضرار في منشآت الميناء وسفينة واحدة، في ثاني هجوم من نوعه خلال أقل من 24 ساعة.

وفي المقابل، أدت هجمات بطائرات مسيّرة أوكرانية إلى إلحاق أضرار بسفينتين ورصيفين، واندلاع حريق في قرية بإقليم كراسنودار الروسي. كما كثفت أوكرانيا استهدافها لسلاسل الإمداد البحرية الروسية، مع تركيز خاص على ناقلات النفط التابعة لما يُعرف بـ«أسطول الظل» المستخدم للتحايل على العقوبات المفروضة على موسكو.

نظرة مستقبلية للسوق

وبحسب مذكرة صادرة عن بنك باركليز هذا الأسبوع، من المرجح أن تظل أسواق النفط متمتعة بإمدادات مريحة خلال النصف الأول من عام 2026، إلا أن البنك حذر من أن فائض المعروض قد ينكمش إلى نحو 700 ألف برميل يوميًا فقط في الربع الرابع من العام نفسه، مشيرًا إلى أن أي تعطل طويل الأمد في الإمدادات قد يؤدي إلى تشديد أكبر في أوضاع السوق