النفط يهبط مع استمرار الضغوط الناجمة عن ضعف الطلب وتزايد الإنتاج العالمي.

تراجعت أسعار النفط خلال تعاملات الخميس مع عودة الضغوط البيعية إلى الأسواق، في ظل تقييم المستثمرين لاحتمالات زيادة فائض المعروض العالمي بالتزامن مع مؤشرات متنامية على تباطؤ الطلب في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للخام في العالم. هذا المزيج من تراجع الطلب واتساع الإمدادات أعاد المخاوف بشأن اختلال توازن السوق خلال الفترة المقبلة.

تداولات النفط الخام
اختتم خام برنت تعاملات الخميس منخفضًا بمقدار 14 سنتًا أو بنسبة 0.22% ليغلق عند 63.38 دولارًا للبرميل، فيما تراجع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 17 سنتًا أو ما يعادل 0.29% ليستقر عند 59.43 دولارًا للبرميل. هذا الأداء الضعيف يأتي امتدادًا لسلسلة خسائر شهرية جديدة في أكتوبر، ليكون الشهر الثالث على التوالي من التراجع، وسط ضغوط متزايدة من جانب المعروض العالمي.

العوامل المؤثرة في السوق
يواجه سوق النفط في الوقت الحالي تحديات هيكلية ناتجة عن استمرار زيادة الإنتاج من قبل تحالف أوبك+، إضافة إلى الارتفاع في الإمدادات من المنتجين خارج المنظمة، وهو ما يعزز التوقعات بحدوث أحد أكبر فوائض المعروض في التاريخ الحديث. هذه التطورات تضع ضغوطًا قوية على الأسعار وتحد من أي محاولات للتعافي، خاصة مع تراجع الزخم في الطلب العالمي.

على صعيد الطلب، أشار بنك “جيه بي مورغان” في مذكرة بحثية حديثة إلى أن نمو الطلب العالمي على النفط بلغ نحو 850 ألف برميل يوميًا حتى 4 نوفمبر، منخفضًا عن تقديراته السابقة عند 900 ألف برميل يوميًا، لافتًا إلى أن البيانات عالية التواتر تظهر ضعفًا مستمرًا في استهلاك الوقود داخل الولايات المتحدة نتيجة تراجع حركة السفر وانخفاض شحنات الحاويات. كما أظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية ارتفاع مخزونات النفط الخام بمقدار 5.2 ملايين برميل خلال الأسبوع الماضي لتصل إلى 421.2 مليون برميل، في حين بقيت معدلات تشغيل المصافي منخفضة بفعل موسم الصيانة الواسع، ما زاد من الضغوط على الأسعار.

وفي جانب العرض، قامت السعودية – أكبر مصدر للنفط في العالم – بخفض أسعار البيع الرسمية لخامها الموجه للأسواق الآسيوية لشهر ديسمبر بشكل حاد، في خطوة تهدف إلى الحفاظ على تنافسيتها وسط وفرة المعروض من دول أوبك+ والموردين الآخرين. كما أشارت تقارير إلى اضطرابات تشغيلية في بعض عمليات شركة “لوك أويل” الروسية بالخارج، وهو ما أثار مخاوف محدودة بشأن استقرار الإمدادات، لكنها لم تكن كافية لتغيير الاتجاه العام للسوق.

أما من الناحية الاستراتيجية، فقد أظهرت تقديرات “كابيتال إيكونوميكس” استمرار النظرة السلبية للنفط خلال المدى المتوسط، إذ تتوقع الشركة استمرار الضغوط النزولية على الأسعار لتصل إلى نحو 60 دولارًا للبرميل بحلول نهاية عام 2025، و50 دولارًا بحلول عام 2026. وأشارت في تقريرها إلى أن تأثير العقوبات المفروضة على بعض المنتجين ما زال محدودًا، وأن الأسواق لم ترَ بعد مؤشرات ملموسة على اضطرابات حقيقية في الإمدادات يمكن أن تدعم الأسعار.

وبصورة عامة، يعكس أداء النفط الحالي حالة من التوازن الهش بين العوامل الداعمة والمثبطة، حيث تبقى المخاوف من فائض المعروض هي العامل المهيمن، في حين لا يزال الطلب العالمي عاجزًا عن توفير الدعم الكافي لاستقرار الأسعار عند مستوياتها الحالية