الذهب يحافظ على مكاسبه مع استمرار حذر الأسواق رغم إشارات الصمود في سوق العمل الأمريكي.

  • شهدت أسعار الذهب تعافيًا ملحوظًا خلال تعاملات الأربعاء، بعد تراجعها الحاد في الجلسة السابقة، إذ ارتفع المعدن الأصفر بأكثر من 1% مدعومًا بموجة جديدة من العزوف عن المخاطرة في الأسواق العالمية، على الرغم من صدور بيانات توظيف أميركية قوية عززت احتمالات بقاء السياسة النقدية المتشددة لفترة أطول.

    في ختام تعاملات الأربعاء، صعد الذهب الفوري بنسبة 1.3% ليبلغ 3,983.89 دولارًا للأونصة، بينما ارتفعت العقود الآجلة لتسليم ديسمبر بنسبة 0.8% لتغلق عند 3,992.90 دولارًا للأونصة، وسط تعاملات اتسمت بالتقلب بين تأثيرات بيانات الاقتصاد الكلي وحركة الدولار الأميركي.

    جاء هذا الارتفاع رغم صدور تقرير مؤسسة ADP الذي أظهر إضافة القطاع الخاص الأميركي 42 ألف وظيفة في أكتوبر، متجاوزًا التوقعات البالغة 28 ألفًا، ما يؤكد استمرار متانة سوق العمل الأميركي. ورغم أن هذه البيانات عادة ما تدعم الدولار وتضغط على الذهب، فإن سلوك الأسواق عكس تفضيل المستثمرين للأصول الآمنة بعد تجدد المخاوف بشأن مبالغة التقييمات في الأسهم الأميركية، خاصة في قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

    ويشير المحللون إلى أن عودة الطلب على الذهب تعكس تحوّلًا في شهية المخاطرة بعد موجة الصعود القوي للأسهم الأميركية، حيث يرى المستثمرون أن الأسواق المالية قد دخلت منطقة تضخيم مفرط للأسعار، ما دفع إلى إعادة التوازن عبر التحوط بالمعدن النفيس. كما ساهم تراجع الأسهم من مستوياتها القياسية في تعزيز الزخم الصعودي للذهب.

    وعلى صعيد السياسة النقدية، لا يزال موقف الاحتياطي الفيدرالي محور الاهتمام الرئيسي، إذ جاء خفض الفائدة الأسبوع الماضي بمثابة إشارة على قرب نهاية دورة التيسير النقدي الحالية. وأظهرت بيانات عقود الفائدة المستقبلية تراجع توقعات خفض جديد في ديسمبر إلى 63%، مقارنة بأكثر من 90% الأسبوع الماضي، بعد أن أشار رئيس الفيدرالي جيروم باول إلى احتمال توقف مؤقت في الخفض.

    ورغم هذه المعطيات، حافظ الذهب على جاذبيته كأصل آمن في بيئة تتسم بتقلبات الأسواق وتوتر الأوضاع الاقتصادية والسياسية. ويظل الدولار الأميركي القوي، الذي يقترب من أعلى مستوياته في ثلاثة أشهر، أحد أهم العوامل التي تحدّ من مكاسب الذهب، إذ يجعل المعدن أكثر تكلفة لحاملي العملات الأخرى.

    كما يترقب المستثمرون تطورات الملف التجاري الأميركي، مع جلسة استماع مرتقبة أمام المحكمة العليا بشأن قانونية الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب، ما قد ينعكس على حركة الدولار والأسواق لاحقًا.

    ورغم الارتداد الصعودي الأخير، ما يزال الذهب يتحرك بحذر بعد خسارة تقارب 2% في جلسة الثلاثاء، نتيجة تراجع توقعات خفض الفائدة وتراجع الطلب على الملاذات الآمنة عقب انحسار التوترات بين الولايات المتحدة والصين. إلا أن استمرار حالة القلق في الأسواق وتذبذب شهية المخاطرة يبقيان المعدن الأصفر في موقع قوة على المدى القريب، مع ترقب المستثمرين لمزيد من المؤشرات حول اتجاه السياسة النقدية الأميركية