استقرار المعدن الأصفر مع إعادة تسعير توقعات الفائدة الأميركية

استقرت أسعار الذهب في ختام تعاملات نهاية الأسبوع الماضي بعد تعرضها لموجة ضغوط بيعية تجاوزت 1% في وقت سابق من جلسة الجمعة، حيث عكست الأسواق اتجاهها مع عودة رهانات المستثمرين على خفض أسعار الفائدة الأميركية خلال اجتماع ديسمبر، وذلك عقب تصريحات حملت نبرة أكثر مرونة من جانب مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي.

وعلى مستوى التداولات، حافظ الذهب الفوري على استقراره قرب مستوى 4,086.57 دولار للأوقية عند الساعة 01:48 مساءً بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة، بعدما كان قد تراجع بفعل عمليات جني أرباح مبكرة، ليتجه نحو تسجيل مكاسب أسبوعية طفيفة تقارب 0.1%. كما أنهت العقود الآجلة للذهب تسليم ديسمبر الجلسة على ارتفاع نسبته 0.5% عند مستوى 4,079.5 دولار للأوقية، في دلالة على تحسن تدريجي في معنويات المتعاملين تجاه المعدن النفيس.

وجاء الدعم الأساسي لحركة الذهب من تصريحات جون ويليامز، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، الذي أشار إلى أن البنك المركزي لا يزال يمتلك هامشًا للمضي نحو خفض أسعار الفائدة على المدى القريب دون تعريض مستهدفات التضخم للخطر. وأسهمت هذه التصريحات في إعادة الزخم للمراكز الشرائية، كما اعتبرها محللو السوق إشارة إيجابية عززت ثقة المستثمرين على المدى القصير.

وفي المقابل، شكلت بيانات الوظائف الأميركية التي جاءت أقوى من المتوقع عامل ضغط على الذهب في بداية الجلسات، حيث دفعت المتعاملين إلى تقليص احتمالات خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في الاجتماع المقبل. إلا أن تصريحات ويليامز خلال مشاركته في المؤتمر المئوي للبنك المركزي التشيلي حدّت من هذا الأثر، بعدما أشار إلى وجود “مجال لمزيد من التعديل” في أسعار الفائدة المستهدفة، مع تنامي مخاطر تباطؤ سوق العمل وتراجع المخاطر التضخمية.

وعكست تحركات الأسواق تحولاً سريعًا في التوقعات، إذ ارتفعت احتمالات خفض الفائدة في الاجتماع المقبل للاحتياطي الفيدرالي إلى 74% مقارنة بنحو 40% في وقت سابق من اليوم، ما أعاد إبراز جاذبية الذهب كأداة تحوط في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة.

وفي الوقت ذاته، استمر التباين في رسائل مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، حيث تبنّت لوري لوغان، رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في دالاس، موقفًا أكثر تشددًا بدعوتها إلى الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير لفترة أطول، الأمر الذي أبقى حالة من الضبابية مسيطرة على توقعات المستثمرين بشأن المسار المستقبلي للسياسة النقدية.

وعلى صعيد الأسواق العالمية، راقب المتعاملون عن كثب أداء الأسواق الأميركية، حيث أدت المكاسب المسجلة في مؤشرات “وول ستريت” إلى زيادة شهية المخاطرة، ما حدّ من اندفاع الذهب نحو تحقيق مكاسب أكبر، في ظل العلاقة العكسية التقليدية بين أداء الأسهم وطلب المستثمرين على الأصول الآمنة.

وبذلك، يعكس أداء الذهب في نهاية الأسبوع مزيجًا من العوامل المتعارضة، بين دعم التوقعات المتزايدة لتيسير السياسة النقدية الأميركية من جهة، والضغوط الناتجة عن بيانات اقتصادية قوية وارتفاع شهية المخاطرة في الأسواق من جهة أخرى، الأمر الذي يفسر حالة الاستقرار النسبي التي سيطرت على تحركات المعدن الأصفر