تراجع أسعار النفط عند الإغلاق بفعل صعود الدولار ومخاوف وفرة الإمدادات في السوق

النفط يتراجع بفعل قوة الدولار وضعف بيانات التصنيع الأمريكية وسط تزايد المخاوف من وفرة المعروض

أنهت أسعار النفط تعاملات الثلاثاء على انخفاض ملحوظ، متأثرة بمجموعة من العوامل السلبية التي طغت على معنويات السوق، أبرزها ارتفاع الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوياته في أربعة أشهر وتراجع مؤشرات التصنيع في الولايات المتحدة، مما أثار مخاوف بشأن تباطؤ الطلب العالمي على الطاقة. كما زادت حالة الحذر في الأسواق بعد قرار تحالف أوبك+ بتجميد زيادات الإنتاج خلال الربع الأول من العام المقبل، وهو ما أعاد القلق من احتمالات فائض في الإمدادات خلال الفترة المقبلة.

فقد انخفضت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 45 سنتًا أو ما يعادل 0.7% لتستقر عند 64.44 دولارًا للبرميل، بينما تراجعت عقود خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 49 سنتًا أو بنسبة 0.8% لتغلق عند 60.56 دولارًا للبرميل، لتسجل الأسعار أدنى مستوياتها في نحو أسبوعين وسط تعاملات ضعيفة يغلب عليها الطابع الحذر.

من الناحية الأساسية، شكل صعود الدولار الأمريكي أحد أبرز الضغوط على أسعار النفط، إذ ارتفع مؤشر الدولار إلى أعلى مستوياته منذ أربعة أشهر مقابل اليورو، مدعومًا بتراجع التوقعات بشأن خفض إضافي في أسعار الفائدة هذا العام، ما جعل الخام المقوّم بالدولار أكثر تكلفة للمستثمرين من أصحاب العملات الأخرى. كما ساهم التراجع الحاد في أسواق الأسهم الأمريكية، بعد تحذيرات من مؤسسات مالية كبرى بشأن تصحيح محتمل، في زيادة العزوف عن الأصول عالية المخاطر ومنها النفط.

وعلى الصعيد المحلي في الولايات المتحدة، ساهم استمرار الإغلاق الحكومي لليوم الخامس والثلاثين – وهي الأطول في تاريخ البلاد – في تعميق الضغوط الاقتصادية، بعد أن تسبب في شلل إداري واسع وتعطّل إصدار التقارير الرسمية، بالإضافة إلى حرمان مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين من رواتبهم وتجميد برامج الدعم الاجتماعي، ما قد ينعكس سلبًا على الطلب المحلي على الوقود.

أما من جانب الإمدادات، فقد أقرّ تحالف أوبك+ مؤخرًا زيادة محدودة في الإنتاج اعتبارًا من ديسمبر المقبل، مع تعليق أي زيادات إضافية خلال الربع الأول من عام 2026، في محاولة لدعم استقرار السوق. وأظهر مسح لوكالة رويترز أن إنتاج أوبك ارتفع في أكتوبر لكن بوتيرة أبطأ من الأشهر السابقة، ما يشير إلى التزام جزئي بالحصص الإنتاجية المتفق عليها.

ويركز المستثمرون حاليًا على بيانات مخزونات النفط الأمريكية الصادرة عن معهد البترول الأمريكي، وسط توقعات بارتفاعها خلال الأسبوع الماضي، وهو ما قد يضيف مزيدًا من الضغوط على الأسعار في الجلسات القادمة إذا ما تأكدت الأرقام الرسمية من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.

في المجمل، تبدو تحركات أسعار النفط محكومة بتوازن هش بين مخاوف ضعف الطلب العالمي من جهة، واحتمالات وفرة المعروض من جهة أخرى، في وقت تتزايد فيه التقلبات بفعل تطورات السياسة النقدية الأمريكية واستمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي